كيف سيكون حب الوطن لأناس لا تعرف الوطن ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ،،، أما بعـد


أخي القارئ الكريم أعلم رحمك الله وغفر لك أنّي عندما أكتب عن ( الوطن ) لا اكتب شيئاً جديداً أو فريدا ً( لا ) بل قد سبقني ـ لما سأكتب إن شاء الله ـ الصغير قبل الكبير ، سبقني إلى هذا العاقل وغير العاقل (1) ، كلا الجنسين سبقوني ، و لربما كثيرٌ منهم إن لم يكونوا جميعهم فاقوني في حبهم لأوطانهم و التغني بها و الدفاع عنها و الذب عن ممتلكاتها و مقدراتها .


لك و لغيرك هذا الحدث المحفوظ عبر التاريخ لنا و لأجيالنا


عندما خرج المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه من مكة فاراً من قريش التي همت بقتله حال كونه داعياً في مكة لدين الله و توحيد الله و حال كون دعوته لم تجد قبولاً أول الأمر فقال تلك الكلمات المدوية المشهورة فقال صلى الله عليه و سلم ( و الله أنك لأحب البلاد إلى الله و والله إنك لأحب البلاد إلي و لولا أن قومك أخرجوني ما خرجت ) ، و أنظر إلى مؤذنه ذلك العبد الحبشي المبشر بالجنة بلال بن رباح رضي الله عنه حينما اشتدت عليه الحمى لما أصابته حمى المدينة ، فينشد قائلاً و لسان حاله لا أهتم لمن يكون حب الوطن ، و الدفاع عنه ، و لو كنت عبداً مملوكاً كأن رأسي زبيبة

ألا لـيت شعري هـل أبيتن ليلـة ×××××× بـواد وحـولي إذخر وجليـل

وهل أردَنْ يومـا مـياه مجنة ××××××× وهل يُبدونْ لي شامة وطفيل

إخوتي / حب الوطن نار في جوف كل مبتعد عن موطنه ، حب الوطن من الأيمان و لا أستدل بحديث لقولي هذا بحديث موضوع مكذوب على رسول الله هو ( حب الوطن من الأيمان ) لأنه حديث ضعيف و لئن كان الحديث ضعيفاً إلا أن معناه صحيح و لله الحمد و المنّة ، و يا أخي القارئ الكريم اعلم أن بغض الوطن دليل على الحقد و النفاق في هذا الزمان و كل زمان ، لا يهم الفرد المكان و لا حتى الزمان بقدر ما يهم مقدار حب الوطن و الولاء له ، فالمهم أولاً و أخيراً هو الوطن وليت هذا يصير عند الكل لا البعض منا .


لتعلم أخي الموفق لكل خير أنّ حب الوطن فطرة فطرها الله في النفس البشرية كآفة ليست لأحد دون أحد و لا لجنس دون جنس ، لذلك يقول الشاعر

وحبب أوطان الرجال إليهم ×××××× مآرب قضاها الشباب هنالكا

إذا ذكرت أوطانهم خطرت لهم ×××××× عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا


و لك أن ترى و تبدي برأيك ...



ما الذي يجعل بعض من تلك الدول الضعيفة التي تقاوم الحروب و تسعى لرد عدوان الأعداء المعتدون بكل قوة و بسالة و عدم السماح له بأخذ شبر واحد أو موضع قدم واحده من تلكم الأرض ؟؟



برأيك ما الذي يصبر تلك الشعوب الضعيفة الفقيرة المتهالكة أمام تلك القوات العظيمة ؟؟



ألا ترى أن تلك البلاد مع ما لاقت و تلاقي من هجمات غادرة و مناصرات من دول أخرى آثمة أهون عليها من ترك ديارهم و أوطانهم لذلك المعتدي !!



بل برأيك



ما هو سر بعض الحروب بين بعض تلك الشعوب الضعيفة و القوية مع بعضها البعض حيث يأتون اؤلئك الضعفاء مبتدئين تلك المعارك بأنفسهم و أبنائهم و أهليهم و من هم تحت وليتهم و فيحاربون ويصمدون و لا تجد منهم من أحد لجماعته خاذل و متخاذل ؟؟



بل لك أن تنظر بعينّيك للعجماوات



فالعجماوات تحن إلى مواطنها فترى الشوق والحنين يعيث بها إلى مواطنها ، فلك أن تنظر لتلك الناقة و أين توجد ، و إلى تلك البغلة و أين توجد ، و إلى ذلك الطائر و أين يوجد ، و إلى تلكم السمكة و أين هي موجودة ، بل انظر إلى ذاك النبات البحري أو ذلك النبات البري الصحراوي أو أنظر إلى ذلك النبات الجبلي و أين يتأقلم و يحيا وينتعش فلا يموت من هم أو حزناً أو من عدم تكيف مع موطن آخر لا يرضاه لنفسه إلا بموته ؟؟


أبحث عن موطن أم عن إسلام



هذه المسألة لا تتعارض مع الإسلام أبداً ، فلتكن هنا كسلمان الفارسي ، فلقد جاهد والديه ، و كان من أِشرف و أعلى قومه مكانة ، بل سار سيراً لا يسيره إلا مثله ، وصل الأرض المباركة ـ و لا أعني فلسطين ـ رأى بغيته ، فحاول حتى أستطاع أن يفك أسره فَفُك قيده بحمد الله ، بعدها أنتسب لأعظم شرف عرفه التاريخ فصاحب محمد صلى الله عليه وسلم و صاحب صحابته ، وجاهد معه ، و نسي من لاقى أثناء سيره رأى النور يشع في تلكم البلاد ، و رأى الألفة و المحبة و عدم وجودٍ للفساد ، فاختار تلكم البلاد بلاد له و لمن بعده مشرعاً لهم ما فعله و قاله ، و يا لحسن ما فعله و قاله ، و من أراد الهجرة و الانتقال من بلدٍ لبلد فليعلم أن الهجرة لا تكون إلا لكافر أراد الإسلام ، أو مؤمنً أراد الفرار بدينة من الكفار ، يدل على هذا الحديث الصحيح الذي قاله المصطفى و جاءنا من طريق رواه عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله ...) ، فالإسلام يرتبط بمحبة الأوطان فليس لمسلم أن يحب أرضاً فيها انتهكت حرمات الله ، و ليس لمسلم أن يقعد في أرضاً فيها يحارب الله و رسوله ، و لا أرضاً يؤكل فيها القوي الضعيف و يضيع فيها الحق و لا أرضاً تسيء للنبي صلى الله عليه و سلم برسوم ساخرة و أكاذيب واضحة .

سؤال؟؟

سؤال سئل لعدة أشخاص أقلهم طالب جامعي و أعلاهم أرى أن له همة تناطح الثريا ، و أغلبهم بين هذا و ذاك مستغربون و مندهشون من السؤال و كأن صاعقة نزلت عليهم من السماء أو بركناً ثار عليهم من الأرض حينما فتحوا ( جولاتهم ) و لقوا الرسالة بهذه الصيغة ، على أية حال أنظر للإجابات و قبلها السؤال الذي كان نصاً للرسالة المرسلة لكل فرد


ما يعني لك الوطن من نظرة إيجابية ؟



فيرد أول بقول بليد ما ضننت يوماً أن يخرج مثل هذا القول من أين كان و أن يخرج مثل هذا القول من إنسان مسلم وطالب جامعي تبني الأمة عليه أمالاً بعد تخرجه و حين دراسته ، فقال غفر الله و أنق لكم نص الرد و الإيجابة (( الوطن هو الوطنية و الوطنية دجاج نأكله يومياً و هو ...))



و يقول آخر ((الوطن بحثت له عن معناً عندي فلم أجد له أية معنى ...))

(و هي كلمة قدح لا مدح )

و يقول ثالث غير مصدقاً للسؤال و أنّه كأي سؤال ربما يلاقيه و يسمعه في أي ساعة و لحظة فيقول لي بالعامية (( وش هالمسكة ))



و يقول رابع هو أفضل من اؤلئك الحمقى و ما هو ببعيد عنهم كثيراً بقوله الوطن هو الذي جعلني (( فرداً في هذه الدنيا ّ!!)) فقلت له وكيف و أنت رجل مثلنا ؟؟

فقال بلهجة عامية يفوح منها النتن (( أعطاني وظيفة و راتب و سكن و الكهرباء ببلاش و الماء كذلك ببلاش و الدوام ـ لف و دوران ـ و الأمور أبشرك طيبة ))



فهو كما جاء في الحديث الشريف ( إن أعطي منها رضي و إن لم يعط منها سخط )



ما سمع قول أحمد شوقي في الوطن و لو سمعه لأعتبره سفهاً و قلة حلم من اؤلئك الناس ، حيث يقول أحمد شوقي رحمه الله

بلادي وان جارت علي عزيزة ×××××× وأهلي وان ضنوا علي كرام


و لا أنسى أن أقول لكم قبل عرض الصورة الحسنة التي جاءتني من اؤلئك الشباب أن تلك الرسالة التي أرسلتها كانت لأناس أقلهم محسوب علينا ـ أهل هذا المجتمع ـ أنّه طالب جامعي و البقية أناس أراها من أهل الفضل و الإحسان جراء ما شاهدته منهم و أشاهده .



يقول منهم عاقل رشيد (( الوطن هو الابن البار الذي لم و لن نوفيه حقه ))



و يقول ثانٍ (( الوطن جزء من شخصيتي و يعني لي الشيء الكثير ))



و يقول ثالث (( الوطن يعني لي ما تعني الأبوة للعقيم و يقول ، الوطن يعني الانتماء يعني لي الحياة و الموت ))



و يقول رابع (( الوطن حقيقة هو الذي استوطن حب الله و حب شرعه في أرضه ، و سعى لإقامة أوامر الله فيه ، و هذا هو الخط الفاصل فبقدر التطبيق الشرعي تكون الإيجابية و بقدر التنازل تكون السلبية ، إلا أن التفاؤل هو ما أمرنا به حتى في أحلك الظروف ، و التعبير الزائف بالإعلام و الاحتفالات لا يغني شيئاً ، و أول من يتنازل هم أصحاب تلك الشعارات ، و لا يصمد إلا من أحبه لحبه إقامة شرع الله ، و الواقع يغص بالأمثلة الحية ))


ومن بين تلك الرسائل واقع ( مزري ) مررت به خلال استقبالي للرسائل لا نريد أن نضيق صدوركم بذكره ، و أيضاً هناك على ضد ذلك الواقع واقع مشرق لا نذكره هنا خوفاً من الإطالة عليكم .



همسة في أذن كل مربي و معلم و مسئول و ناجح و متفائل و غيرهم أقول لهم جميعاً ( ربو أبنائكم على حب الوطن و على قوة الانتماء إليه فلقد جالست أقواماً يريدون بين أبنائهم الصغار و بقوة و هم جادون أحاديث مفترية و أن يؤخذ الوطن و يسلب اليوم قبل الغد !! و عند سؤالي لهم لما تكنوا للوطن السوء ؟؟ يردون بقول لا حلاوة فيه فيقولون (( و ماذا استفدنا من الوطن ، و آخر يقول ماذا استفدنا منه إلا الفساد الذي تراه و حب أن تشيع الفاحشة في الناس ، و آخر يقول أنا إلا الآن لم أجد وظيفة ، و عاشر يقول أنا إنا الآن أبحث عن كلية تقبلني و و و و ... )) إلا غير ذلك من أقوال لو نظر إليها غلام صغير لرد على تلك الوساوس برد يلجم كل من سمعه و ليتهم يعون و هم يسمعون الكلام الطيب الحسن )


لا أتذكر أن مدرساً دارسني و حادثني عن الوطن ، و الواجب تجاهه ، و ماذا ينتظر منّي لأرد له ما أخذته منه و الحق أني أخذت من الوطن كثيراً و ما قدمت له إلى الآن أي شيء .

أخيراً و ليس آخراً



ألا تحب أن تردد معي قول الشاعر القائل



وطني لو شغلت بالخلد عنه ×××××× نازعتني إليه في الخلد نفسي


و قبل الختام لك هذا السؤال



و ما يعني لك الوطن أيه الأخ الكريم من نظرة إيجابية ؟؟



و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين